طعامنا وبيئتنا النظيفة

طعامنا وبيئتنا النظيفة

هل يمكن للطعام أن ينقذ العالم؟ تعرف على البلدان ذات المأكولات الصديقة للبيئة

معالجة الأنظمة الغذائية غير الصحية والاتجاه المتنامي نحو الأطعمة المصنعة من الجوانب المهمة في مكافحة التغير المناخي. إذ تتعارض أنماط الاستهلاك الغذائي في معظم دول العالم مع أهداف التنمية المستدامة وتستنزف البيئة بشكل يهدد الحياة على كوكب الأرض.

تقول الكاتبة كايتي ماتشادو في تقرير نشره موقع "ذي ترافل" (thetravel) الأميركي إن مصادر الغذاء المستدامة والنظام الغذائي الصحي عاملان متكاملان ومهمان لإنقاذ الكوكب.

وتوضح أن العديد من البلدان كانت سباقة في هذا المجال، وأصبحت مثالا يُحتذى في الاعتماد على الأغذية المستدامة، بينما تواصل أغلب دول العالم الاعتماد بشكل أساسي على المنتجات الغذائية المصنعة.

البقوليات في المطبخ تعتبر من الأطباق التقليدية وهي ذات قيمة غذائية عالية وتفيد الأرض والماشية (شترستوك)

الهند.. البقوليات من المحاصيل المستدامة

تعد البقوليات من المحاصيل المستدامة المهمة للغاية في الهند، وهي بذلك تتقدم خطوة على بقية دول العالم، وفقا للكاتبة.

في المطبخ الهندي، تعد البقوليات جزءا رئيسيا من الأطباق التقليدية، وهي ذات قيمة غذائية عالية، كما أنها تقدم العديد من الفوائد للأرض والماشية.

تتكيف البقوليات مع التقلبات المناخية، فاحتمال أن تمر "بعام سيئ" من حيث المحاصيل أقل بكثير من بقية الخضروات. كما أنها مفيدة جدا للتربة، حيث توفر لها الفيتامينات والمعادن الحيوية، وهذه عناصر تساعد الماشية في عملية الهضم.

طعام ياباني، بيكسابي
بلح البحر والمحار الصدفي والمحار الملزمي جزء أساسي من قوائم الطعام في مطاعم فنزويلا (بيكسابي)

فنزويلا.. أكلاتها التقليدية ترتكز على المحار

تعتبر فنزويلا من الدول التي يتبع سكانها نظاما غذائيا مستداما، لأن غالبية أكلاتها التقليدية ترتكز على المحار.

في العديد من البلدان الأخرى، يعتبر المحار من الأطعمة الفاخرة باهظة الثمن بسبب ندرته، لكنه في فنزويلا طبق شعبي يمكن أن تتناوله بشكل يومي، خاصة تلك الأنواع المنتشرة على شواطئ البلاد.يعد بلح البحر والمحار الصدفي والمحار الملزمي جزءا أساسيا من قوائم الطعام في مطاعم فنزويلا، وكل طبق يقدم نكهة فريدة لهذه الأنواع من المحار، وهو طعام صحي ومفيد للغاية.

من النادر أن تجد اللحم في الأكلات الفيتنامية إن لم تكن خالية منه تماما مما يجعله صديقا للبيئة (شترستوك)

فيتنام.. ندرة اللحوم الحمراء في الطعام

ويعتبر المطبخ الفيتنامي من أفضل المطابخ في القارة الآسيوية، لمذاقه الفريد وطرق الطهي المميزة، وأصبح يحظى بانتشار عالمي ويتمتع بشعبية كبيرة في أميركا الشمالية، حيث تم افتتاح العديد من المطاعم التي تقدم الأطباق الفيتنامية التقليدية.

وما يجعل المطبخ الفيتنامي صديقا للبيئة على وجه التحديد، هو ندرة اللحوم الحمراء في البلاد، لذلك من النادر أن تجد اللحم في الأكلات الفيتنامية، إن لم تكن خالية منه تماما.

طريقة الأكل في لبنان صديقة للبيئة يضعون أطباق كثيرة وصغيرة ويجتمع عدد كبير لأكلها مما يقلل الطعام المهدر (شترستوك)

لبنان.. السر في طريقة الأكل

عدا أن معظم الأكلات اللبنانية تحتوي على الكثير من الخضروات، فأهم ما يجعل هذا البلد صديقا للبيئة في نظامه الغذائي هو طريقة الأكل في حد ذاتها.

وحسب الكاتبة، فإن اللبنانيين يضعون على المائدة الكثير من الأطباق الصغيرة، ويجتمع عدد كبير من الأفراد للأكل، وهو ما يقلل من الطعام المهدر، والذي بلغت نسبته 8% عالميا. كما يسمح ذلك لنسبة كبيرة من الناس بالحصول على ما يكفيهم من الغذاء، بدلا من أن تستهلك فئة قليلة الكثير من الطعام ويجوع كثيرون مثلما يحدث في أماكن أخرى، على حد قولها.

ولاية كانساس تتميز عن بقية الولايات الأميركية بأن أغلب حاجياتها الغذائية تأتي من مصادر مستدامة (شترستوك)

كنساس-الولايات المتحدة.. أبقار البيسون

تتميز ولاية كانساس تتميز عن بقية الولايات الأميركية بأن أغلب حاجياتها الغذائية تأتي من مصادر مستدامة.

في هذا السياق، تقول صحيفة نيويورك تايمز إن كنساس شهدت ازدهارا في تربية أبقار البيسون، بأساليب تحفز الإنتاج وتحافظ على البيئة في الآن ذاته.

كيف يمكننا مساعدة البيئة في خفض البصمة الكربونيّة؟
تتمثّل هذه المساعدة من خلال :
1- تقليل إنتاج واستهلاك اللحوم، حيث تُعدّ اللحوم المساهم الأكبر في إنتاج 80% من الانبعاثات الكربونيّة، بالإضافة إلى حاجتها لمتطلّبات الطاقة لعمليّات التبريد والإعداد.
2- الاستخدام الأمثل للغذاء والحدّ من إهدار الطعام، وخاصّة الأغذية التي يتطلّب إنتاجها استخدام الكربون بشكل كبير، مثل المنتجات الحيوانيّة، وبذلك نكون قد ساهمنا في الحدّ من الانبعاثات الكربونية بنسبة 11% من خلال خفض مخلّفات الطعام فقط.
 
 
ما هي الأطعمة المسموحة والبديلة في النظام الغذائيّ البيئيّ؟
يلعب تصنيف الأطعمة كصديقة للبيئة أم لا، دوراً هاماً في الحفاظ على البيئة والحدّ من التأثير السلبيّ على المناخ.
* استهلاك الفاكهة والخضروات المحلية والطازجة والموسمية بدل المنتجات المستوردة خارج الموسم.
* استبدال اللحوم بالدواجن، حيث إنّ إحلال الدواجن محلّ ربع إجماليّ استهلاك اللحوم يعمل على خفض الانبعاثات بنسبة 6%.
* استبدال مصادر البروتين الحيوانيّ بمصادر البروتين النباتي مثل البقوليات والفول والعدس والفاصوليا والكينَوا.
* استهلاك الحليب النباتيّ مثل حليب اللوز والشوفان والبندق بدل حليب البقر.
* استهلاك أسماك البحر الطبيعية بدل أسماك المزارع والبرك الاصطناعية.
* الابتعاد عن المعلّبات والأطعمة المصنّعة، فمثلاً البصمة الكربونية لعلبة الفطر تصل إلى ضعف البصمة الكربونيّة للفطر الطازج.
* استخدام الزيوت النباتية مثل زيت الزيتون ودوّار الشمس مثلاً بدل زيت النخيل.
* الابتعاد عن السناك الغنيّ بالسكّر والحلويات، واستبدالها بالمكسّرات والبذور وزبدة الفول السودانيّ


ما علاقة طعامنا بالتوازن البيئي؟

يواجه العالم الحالي مشكلات بيئية عدة وبعضها حادة، ترتبط معظمها بأنشطة المجتمعات وأنظمتها الاقتصادية التي تدير عملياتها الصناعية والزراعية، وأبرز هذه الظواهر هي الاحترار العالمي الذي يتأثر بشكل كبير من انبعاثات الكربونات التي تنتج عن الغذاء الذي نستهلكه، فعملية الزراعة والإنتاج والتصنيع والتعبئة، تعمل من خلال احتراق الوقود الأحفوري الذي يطلق غازات دفيئة تؤدي إلى احتباس الحرارة في الجو، إذ يقيس العلماء تأثير هذه الأنشطة من خلال ما تخلفه من غاز الكربون في الجو أو ما يُسمى بـ "بصمة الكربون"، والتي تُقاس عادة عند استهلاك كل 100 جرام من الطعام، وعلى هذا الأساس يمكن أن نتصور تأثير كل كمية من الطعام على البيئة.

تسبب اللحوم ومنتجات الألبان أكبر نسبة من الضرر البيئي، وهذا على العكس من الفواكه والخضراوات التي تعتبر مأكولات صديقة للبيئة

وإذا صنفنا الأطعمة بشكل هرمي بناءً على مدى ضررها أو منفعتها للبيئة، فسنجد أن اللحوم ومنتجات الألبان تأتي في القاعدة، لأنها تسبب بأكبر نسبة من الأذى البيئي، وهذا على العكس من الفواكه والخضراوات التي تتسلق قمة الهرم على اعتبار أنها مأكولات صديقة للبيئة وتساعد على نظافتها ومواردها بشكل كبير، أما فيما يتعلق بالحبوب والمخبوزات والحلوى فتقع في منتصف الهرم. يعتمد هذا الترتيب على درجة الضرر البيئي الذي تسببت به هذه المواد عند استهلاكها وبدايةً من مرحلة الزراعة ومرورًا بالتصنيع ووصولًا إلى نقلها وتوزيعها على الموردين والبائعين.

بمعنى آخر، لا ترتكز هذه الحسبة على كمية الطاقة التي يمتصها الجسم من الأغذية فقط، فعلى سبيل المثال، يحتاج الجسم إلى تناول كمية كبيرة من الخس من أجل الحصول على نفس عدد السعرات الحرارية التي يمكن أن تحصل عليها من تناول شريحة اللحم المقدد لكن هذه الشريحة تخلف 3 أضعاف غازات دفيئة مقارنة مع نفس كمية الطاقة التي يوفرها نبات الخس، وفي أحيانٍ أخرى قد تخلف نسب أعلى من الغازات في حالة إن كانت هذه المواد معلبة ومستوردة وانتقلت من مكان إلى مكان آخر أكثر من مرة، حيث تنتج حوالي 787 جرامًا من ثاني أكسيد الكربون لكل 100 سعرة حرارية نتناوله منها.

ولا بد الأخذ بالاعتبار جميع الأسمدة والمواد الكيمائية التي استخدمت أثناء الزراعة بهدف محاربة الآفات والحشرات، إضافة إلى أطنان البنزين والديزل التي تستهلكها المحاريث والشاحنات في نقل البضائع إلى السوق، وبالإجمال تتسبب الأغذية التي نتناولها بنسبة 25% من الغازات الدفيئة وهذا مؤشر عال نسبيًا ويمكن التحكم به عن طريق تبديل عاداتنا الغذائية وإجراء تغيرات حاسمة للحد من هذا الضرر، ولتحقيق ذلك، كشفت دراسة بريطانية عن المؤشرات الرئيسية التي تعكس تأثير النظام الغذائي على البيئة وحددتها بانبعاثات الغازات الدفيئة والتوسع في استخدام الأراضي الزراعية واستخدام المياه العذبة والجوفية واستعمال النيتروجين والفوسفور.

تتسبب الأغذية التي نتناولها بنسبة 25% من الغازات الدفيئة وهذا مؤشر عال نسبيًا ويمكن التحكم به عن طريق تبديل عاداتنا الغذائية وإجراء تغيرات حاسمة للحد من هذا الضرر

وبناءً على هذه المعطيات، أكد الباحثون القائمون على الدراسة أن هذه المؤشرات ستزيد التأثير السلبي على البيئة بنسبة تتراوح بين 50% إلى 92% وبما أن معدلات إنتاج الطعام واستهلاكه تختلف وتتزايد كنتيجة للتطورات الاجتماعية الاقتصادية والزيادة السكانية فإن درجة تهديد المؤشرات الخمسة سترتفع وستزداد نسبة الانبعاثات الغازية بنحو 87% وزيادة الطلب على المناطق الزراعية بمعدل 67% ومياه الشرب ما يقرب بـ 65% واستعمال الفوسفور بنسبة 54% والنيتروجين بمعدل 51%، وهي عوامل تزعزع التوازن البيئي وتهدد الحياة البرية والتنوع الحيوي.

وللحد من هذه التأثيرات السلبية، تقول اللجنة الحكومية للتغير المناخي إن علينا استهلاك كميات أقل من المنتجات الحيوانية والألبان واستبدالها بالأطعمة الموسمية المنتجة محليًا، فبحسب دراسة جامعة أكسفورد فإن تجنب تناول اللحوم والألبان قد يخفض ما ننتجه من غازات الاحتباس (أو بصمتنا الكربونية) من الطعام بحوالي الثلثين.

إذ تسبب لحوم الأبقار بـ41% من غازات الاحتباس الحراري، بينما تمثل الألبان حوالي 19% ومن شأن ذلك أن يخفض مساحات الأراضي الضرورية لإنتاج الطعام بنسبة 75% وبالتالي تقل احتمالية فقدان المزيد من الغابات والمساحات الخضراء ويقل بالطبع تلوث الهواء.

يمكن الاعتماد على بدائل أخرى مثل حليب اللوز وفول الصويا والفواكه والخضراوات الطازجة والأسماك

في المقابل، يمكن الاعتماد على بدائل أخرى مثل حليب اللوز وفول الصويا والفواكه والخضراوات الطازجة والأسماك، فمع استمرار استهلاك الناس حوالي 75 رطلًا من اللحوم للشخص الواحد سنويًا لا يعد بالتغيرات الكبيرة التي تبحث وتشير إليها المنظمات الزراعية والبيئية، ولذلك من المهم أن نتذكر أن خياراتنا الغذائية هي جزء من العالم وقضاياها، وجميعنا يتحمل هذه المسؤولية

الغرض هو التعرف على التأثير الصحي لهذه الأطعمة من ناحية، والخسائر التي تسببها على كوكب الأرض من حيث استخدام المياه والأراضي وانبعاثات الغازات الدفيئة التي تسبب احتباس الحرارة في الجو وكيفية تأثيرها على تلوث المياه والتربة.

الطعام الصحي يعني كوكباً صحياً أيضاً

وجد الباحثون أن الأطعمة التي تعزز الصحة الجيدة تميل أيضاً إلى أن تكون أفضل لكوكب الأرض، والعكس بالعكس. 

وتبين أن الفواكه والخضراوات والحبوب هي الأفضل لتفادي الأمراض وحماية المناخ وموارد المياه.

وعكس ذلك، فإن تناول مزيد من اللحوم الحمراء وتلك المعالجة يسبب أكثر الأمراض سوءاً، إلى جانب التلوث.

عدد قليل من الأطعمة خالفت الاتجاه

إذا كان لبعض أنواع الطعام تأثير سيئ على صحتنا، فهذا لا يعني أنه سيئ بالنسبة للكوكب.

على سبيل المثال، يرتبط استهلاك الأسماك بانخفاض خطر الإصابة بأمراض عديدة، لكن له بصمة بيئية أسوأ في المتوسط من الوجبات الغذائية النباتية. 

عكس ذلك، نجد أن الأطعمة الضارة الغنية بالسكر، مثل البسكويت والمشروبات الغازية، لها تأثير ضعيف على الكوكب.

يقول تيلمان إنه على الرغم من أن المكسرات تحتاج كثيراً من المياه لإنتاجها، فإن الماء كان مجرد عامل واحد يؤثر في تصنيفها البيئي.

ويضيف أن إنتاج حصص من المكسرات له تأثير سلبي على البيئة يبلغ نحو 5 أضعاف تأثيره في تناول وجبة من الخضروات.

ووجد الباحثون أن إنتاج وجبة من اللحوم الحمراء المصنّعة لديه نحو 40 ضعف التأثير البيئي السلبي لإنتاج وجبة من الخضراوات؟

حتى الأسماك التي تصطادها سفن الصيد في المحيطات المفتوحة لها تأثير بيئي أعلى بكثير، لأن هذه القوارب تستخدم كثيراً من وقود الديزل. 

استهلاك اللحوم يؤدي لتدهور مناخ الأرض

وبالنسبة لإنتاج اللحوم الحمراء غير المعالجة، تبين أن لها أكبر تأثير على جميع المؤشرات البيئية، وكان أسوأ عدة مرات من البقوليات.

وقال الباحثون إن الأطعمة ذات التأثيرات البيئية المتوسطة أو التي لا ترتبط بشكل كبير بصحة المرضى، مثل الحبوب المكررة والألبان والبيض والدجاج، يمكن أن تساعد في تحسين الصحة وتقليل الأضرار البيئية، إذا حلَّت محل الأطعمة مثل اللحوم الحمراء.

وقال مايكل كلارك، من جامعة أكسفورد، والذي قاد البحث: "إن الاستمرار في تناول الطعام بالطريقة نفسها سيؤدي إلى تدهور مناخ الأرض والنظم الإيكولوجية وموارد المياه".

وأضاف: "يعد اختيار الأنظمة الغذائية الأفضل إحدى الطرق الرئيسية التي بإمكان الناس من خلالها تحسين صحتهم والمساعدة في حماية البيئة". وأوضح أن استبدال أي نوع من اللحوم بالطعام النباتي يؤدي إلى فارق كبير. 

وقال ماركو سبرينغمان، الباحث بجامعة أوكسفورد وأحد أعضاء فريق الدراسة: "نحن نعرف جيداً الآن أن الأنظمة الغذائية التي تعتمد على النباتات أكثر صحة وأكثر استدامة من الأنظمة الغذائية الغنية باللحوم. لكن في بعض الأحيان لا يزال هناك خلط بين الناس بشأن الأطعمة التي يجب اختيارها".

ويأمل العلماء أن يساعد مزيد من المعلومات المستهلكين وأصحاب شركات الأغذية على اتخاذ خيارات أفضل. 

ويعمل الباحثون حالياً على أنواع جديدة من ملصقات الطعام؛ لمعرفة ما إذا كانت المعلومات المتعلقة بالتأثيرات الصحية والبيئية ستغير من اختيار الأشخاص للأغذية، وبذل مجهود أكثر وعياً نحو إنقاذ الكوكب

(نمط صحي)

المدونة ذات صلة

Shopping cart

Subtotal: $318.00

View cart Checkout